٢٧ فبراير ٢٠٢١
صباح يوم سبت شتوي في الساعة التاسعة والنصف صباحًا، بعد نومة عميقة ولذيذة قررت أكملها وأغير جهة نومي وكانت اسوء اللحظات اللي عشتها.
حاولت أرفع جسمي عن السرير للنوم على الجهة الأخرى لكن ما قدرت، حاولت رفع رأسي أيضًا ما قدرت! كان إحساس مرعب، كنت أحس إني في بحر .. فعليًا في بحر على خشبة رقيقة تحملها المياه، ما أكذب إني تشهدت متوقعة إنها النهاية.
دوار شديد، ما أقدر أوصفه وكأن جسمي في مكان غير الموجودة فيه على أرض الواقع.
بعد جهاد عظيم ومحاولة لرفع نفسي نجحت وجلست على السرير أحاول التقط صورة وجهي على المرايا أمامي، كان وجهي أبيض بلون الجدار خلفي.
قبل النوم؛ دفيت جسمي ولبست أكثر من قطعة، فاستنتجت إنه ممكن تكون درجة حرارة جسمي فيها مشكلة، تخلصت من بعض القطع وما زال الوضع سيء، دوار شديد وغثيان ورجفة تبعتها نوبة هلع عن الوضع الغريب اللي أعيشه.
التقطت علبة مياه من على الطاولة الجانبية وشربت كمية بسيطة، لكن ما استقرت في بطني لأكثر من دقائق معدودة ورفضها جسمي مباشرة.
استجمعت قواي وغسلت وجهي وانتعشت وتوقعت إن المشكلة ممكن تكون (داخلني برد) فقررت آكل تفاحة عشان أقدر اشرب أعشاب تهديني، وللأسف كان مصير التفاحة نفس مصير رشفة الماء السابقة.
منهكة تمامًا حاولت أتمدد على الكنبة في الصالة .. تمددت لجهة اليمين وغرقت من جديد والغثيان كان صديق الدوار المفضل، حوّلت جسمي للجهة اليسار واستقريت قليلًا.
أمي بعد ما صحت من النوم وشافتني على هذا الحال توقعت نفس توقعي السابق (داخلك برد)، لكنها لاحظت بعدين إن الوضع مختلف هذه المرة.
استمر الحال إلى الساعة الثالثة عصرًا بدون تحسن، استمر الوضع وزاد سوءًا بسبب انخفاض ضغط دمي، وهنا صار وقت الطوارئ.
كان المستشفى قريب جدًا من المنزل، ولكن كان الإحساس أنه أبعد نقطة في الأرض .. والسبب عدم قدرتي على تحمل سرعة السيارة أكثر من ٤٠كلم / الساعة، كان الدوار يزداد طرديًا مع حركة السيارة.
دخلت غرفة الطوارئ الباردة، واستقريت على سرير جديد .. زارني الطبيب وشرحت كل الأعراض وكانت الإجابة: "في الغالب التهاب في الأذن أثّر على مركز التوازن، تحتاجين الآن الراحة ومضاد للدوار والغثيان"، قضيت في الغرفة أكثر من ساعة ونصف استغرقت فيها بالنوم بعد الإحساس بالراحة، والأهم .. الثبات.
بعد أقل من أسبوع، زرت أحد الأطباء المعروفين جدًا في هذا المجال .. وخلال مرحلة الفحص طلب مني وأمي الانتقال إلى غرفة مختلفة للتأكد من التشخيص.
وكانت مجموعة تمارين سريعة مشابهة للموجودة في هذا الفيديو: (هنا)
تأكد الطبيب من حالتي (دوار دهليزي حميد)، وشرحها لي كالتالي: تحتوي الأذن الداخلية على مركز توازن الجسم وهذا المركز عبارة عن ثلاث قنوات صغيرة جدًا حجمها ما يتجاوز بضع مليمترات، في قاع هذه القنوات مادة شبه هلامية تحتوي على جزيئات صغيرة جدًا تشبه الرمال واسمها كرستالات، وظيفتها إرسال رسائل إلى الدماغ لإبلاغه عن وضع الجسم ومساعدته في تحقيق التوازن. ممكن يتعرض الجسم إلى حالة تسبب تحرك هذي الكرستالات من قاع القنوات الثلاث إلى السباحة داخل القنوات، وهنا تحدث المشكلة .. الجسم ما عاد يعرف هو وين وولا كيف يتحرك.
ايش مسببات الإصابة؟
سألني الطبيب: كان فيه ضربة قوية على رأسك أو رقبتك بحادث أو غيره؟ إجابتي كانت لا
وبعد مجموعة من الأسئلة اللي تركز على عوامل خارجية كان السؤال الأخير: تعرضتِ لضغط نفسي خلال الفترة الماضية؟
وللأسف الإجابة كانت نعم.
كيف ممكن ترجع هذه الكرستالات المتمردة لمكانها؟
حبوب البيتاسيرك للتخفيف من الأعراض في حالات النوبات القوية، أما للتخفيف من الوضع المزمن فالحل هو العلاج الطبيعي ويتضمن تمارين بإشراف متخصص علاج طبيعي سمعي أو تمارين منزلية ممكن المصاب يقوم فيها بالمنزل ولكن الأفضل تكون خلال فترة مريحة ما يتبعها أنشطة تتطلب مجهود والأفضل يكون بتواجد شخص مرافق في المنزل.
هل الوضع مزمن أو لا؟
يختلف من شخص لآخر، في حالتي تعرضت لـثلاث نوبات من أول مرة شُخصت فيها، ولكن الحمد لله كل نوبة تكون أقل حدة من السابقة. لكن هذا ما يعني إني نفس الإنسان السابق، أصاب بدوار سريع في المرات اللي أتحرك فيها بسرعة، أو نمت فيها على جانبي الأيسر أو أجهدت نفسي بمهمة تطلبت مني الحركة حتى لو كانت بسيطة.
ما فكرت أبدًا إن التوازن نعمة، وكأنه أمر مسلم فيه وموجود في جسد كل إنسان .. سبحان الله كيف لأمر بسيط مثل هذا ممكن يؤثر على حياتك ونفسيتك بشكل ما تتخيله.
كرستالات تكاد لا ترى بالعين المجردة ممكن تكون سبب بعد الله إنك تمارس حياتك بطريقة طبيعية أو لا.
انتهبوا لأنفسكم ولصحتكم ولنفسياتكم
كونوا لطفاء عليها وعلى من حولكم